الاستماع الى ما تيسر من القران الكريم

top-bannner2-1

Post Top Ad

الخميس، 27 فبراير 2025

مراكش بين الأمس واليوم

 مراكش بين الأمس واليوم

%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B43

احمد الوازي

تُعدُّ مدينة مراكش من أبرز المدن المغربية التي تجمع بين عراقة الماضي وحداثة الحاضر، حيث شهدت على مدار القرون تحولات كبيرة جعلتها إحدى الوجهات السياحية الأكثر شهرة في العالم. غير أن هذه المدينة، التي يلقبها الكثيرون بـ"المدينة الحمراء"، قد مرت بمراحل متباينة بين ازدهار وتراجع، مما يطرح تساؤلات حول مستقبلها ومكانتها في المغرب الحديث.

مراكش في الماضي: تاريخ مجيد وحضارة عريقة

منذ تأسيسها في القرن الحادي عشر على يد المرابطين، كانت مراكش مركزًا حضاريًا وسياسيًا مهمًا في المغرب. ازدهرت المدينة عبر العصور، وأصبحت عاصمة للدولة الموحدية والمرينية، وشهدت ازدهارًا معماريًا وثقافيًا كبيرًا. كانت المدينة تُعرف بأسواقها المزدهرة، ومساجدها العريقة، وحدائقها الواسعة التي تضفي عليها رونقًا خاصًا.

في الماضي، كانت مراكش نموذجًا للمدينة المغربية التقليدية، حيث تنتشر الأحياء القديمة ذات الأزقة الضيقة والمنازل العتيقة، بينما تزخر ساحة جامع الفنا بالحياة اليومية والنشاطات الثقافية والفنية التي جعلتها رمزًا للمدينة.

التحولات الحديثة: بين التطور العمراني والتحديات البيئية

مع مطلع القرن الحادي والعشرين، شهدت مراكش قفزة نوعية في عدة مجالات، حيث تم تحديث بنيتها التحتية، وتعزيز قطاع السياحة من خلال افتتاح فنادق فاخرة، ومنتجعات سياحية، ومشاريع عمرانية كبرى. كما أصبحت المدينة وجهة لعقد المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر المناخ "كوب 22" الذي انعقد عام 2016.

غير أن هذا التطور رافقته تحديات كبيرة، حيث أدى التوسع العمراني السريع إلى تغييرات في ملامح المدينة، وأصبح الحفاظ على طابعها التراثي أمرًا معقدًا. تراجع المساحات الخضراء بشكل ملحوظ، وأصبح مشهد الأحياء العشوائية والنفايات المتراكمة يؤثر على جمالية المدينة. كما أن ضعف الإنارة في بعض الأحياء يجعل الحياة الليلية أقل أمانًا بالنسبة للمقيمين والسياح على حد سواء.

التحديات الحالية: بين الطموحات والتحديات التنموية

في السنوات الأخيرة، بدأت مراكش تشهد بعض التراجعات في خدماتها الأساسية، مما أثر على صورتها كمدينة سياحية عالمية. من أبرز المشاكل التي تعاني منها المدينة:

  • ضعف البنية التحتية: رغم الجهود المبذولة، لا تزال بعض الأحياء تعاني من ضعف الطرقات وضيق الشوارع، مما يؤدي إلى اختناقات مرورية مستمرة.
  • تراجع النظافة العامة: مشكلة تراكم النفايات أصبحت تؤرق السكان، حيث لم تعد بعض الشركات المفوض لها تدبير القطاع تلتزم بالمعايير المطلوبة.
  • تقلص المساحات الخضراء: كانت مراكش مشهورة بحدائقها الجميلة مثل حدائق المنارة وماجوريل، إلا أن الإهمال أدى إلى تقلص المساحات الخضراء بشكل ملحوظ.
  • ضعف الإنارة العمومية: العديد من الأحياء تفتقر إلى الإضاءة الكافية، مما يزيد من مشكلات الأمان خاصة في الفترات الليلية.
  • الهجرة القروية المكثفة : عرفت مراكش في الآونة الأخيرة هجرة قروية مكثفة نتيجة الجفاف ، وأيضا ضعف البنية التحتية داخل الدواوير القروية من جهة، ومن جهة أخرى غياب المرافق الضرورية من مدارس ومستشفيات وغيرها ز وقد انضاف الى هذه العوامل عامل آخر تمثل في الزلزال الذي ضرب ضواحي مراكش مؤخرا مما دفع بالعديد من السكان الى الهجرة نحو المدينة.

مراكش اليوم: بين الآمال والتطلعات المستقبلية

رغم هذه التحديات، لا تزال مراكش مدينة تحمل إمكانات هائلة للنهوض من جديد. فإرثها التاريخي ومكانتها السياحية يجعلها في مقدمة المدن المغربية القادرة على استعادة تألقها. تحتاج المدينة إلى سياسات تنموية مستدامة تعزز من جودة الحياة، مثل تطوير البنية التحتية، وتحسين خدمات النظافة، وتعزيز الفضاءات الخضراء.

على المستوى الاجتماعي، فإن مشاركة المجتمع المدني والمبادرات الشبابية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تحسين البيئة الحضرية للمدينة. كما أن التعاون بين السلطات المحلية والمواطنين يمكن أن يسهم في إيجاد حلول عملية لمختلف الإشكالات التي تعاني منها مراكش.

وفي ختام القول، نقول ان مراكش، المدينة التي جمعت بين الماضي العريق والحاضر الطموح، لا تزال تمتلك كل المقومات لتبقى واحدة من أبرز المدن السياحية والثقافية في العالم. غير أن المحافظة على هذا الإرث يتطلب جهودًا متواصلة من مختلف الفاعلين المحليين والحكوميين. فهل ستتمكن مراكش من تجاوز تحدياتها الحالية والعودة إلى مجدها السابق؟ الأيام وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

Post Top Ad

???????