الاستماع الى ما تيسر من القران الكريم

top-bannner2-1

Post Top Ad

الخميس، 27 مارس 2025

منطقة جهة مراكش آسفي : جوهرة المغرب بين الرهانات والتحديات

  منطقة جهة مراكش آسفي 

جوهرة المغرب بين الرهانات والتحديات

00088144


   تُعتبر جهة مراكش آسفي واحدة من أبرز الجهات المغربية، تجمع بين التنوع الجغرافي الخلاب، والإرث التاريخي العريق، والحيوية الاقتصادية والثقافية. تمتد على مساحة 39,167 كم²، وتضم 8 أقاليم وعمالات، وتشتهر بكونها نقطة التقاء بين جبال الأطلس الكبير والمحيط الأطلسي. إليك تحليلًا شاملاً لهذه الجهة:

 

1.  الجغرافيا والطبيعة: تنوع لا يُضاهى

أ. الموقع والتضاريس:   

-  الموقع:  تقع في وسط المغرب، تحدها جهات درعة تافيلالت شرقًا، وكلميم واد نون جنوبًا، والدار البيضاء سطات شمالًا. 

-  التضاريس :  تتميز منطقة مراكش آسفي بتنوع جغرافية تضاريسها حيث نجدها تتكون من :

  -  جبال الأطلس الكبير:  والتي تشكل الحاجز الطبيعي بين السهول والساحل، وتضم أعلى قمة في المغرب وشمال إفريقيا (جبل توبقال: 4,167 م). 

  -  سهول حوز مراكش : وهي عبارة عن أراضي خصبة تُعد سلة الغذاء الرئيسية للجهة. 

  -  الساحل الأطلسي : و يمتد من آسفي إلى الصويرة، ويتميز بشواطئ رملية ومنحدرات صخرية. 

  -  وادي نهر تانسيفت : ويعد أهم مجرى مائي بالجهة، يغذي الزراعة والسدود مثل سد يوسف بن تاشفين.

ب. المناخ : أما عن المناخ الذي يميز المنطقة، فيمكن القول أنه يتميز هو الآخر بالتنوع حيث نجد كل من :  

-  المناخ المتوسطي الرطب: ويكون عادة على السواحل (آسفي، الصويرة) مع اعتدال في الحرارة. 

-  مناخ شبه جاف :  ويكون في المناطق الداخلية (مراكش) مع صيف حار وشتاء بارد. 

- المناخ الجبلي: وهو المناخ الموجود في الأطلس الكبير ويتميز بالرطوبة ، مع تساقط الثلوج شتاءً.

ج. الثروات الطبيعية : تتوفر منطقة مراكش أسفي على ثروة طبيعية هائلة تتمثل في :

-  الغابات :  كغابة الأرز في الأطلس وغابات الأركان جنوب الصويرة ( والتي تعد محمية اليونسكو). 

-  المتنزهات الوطنية :   مثل منتزه توبقال الوطني، ويعد موطنا لأنواع نادرة  لأنواع من الاشجار والحيوانات كفهد الأطلس المهدد بالانقراض وغيره. 

-  الشلالات:  وهي شلالات تتميز بجمالها وعذوبة مائها لعل أشهرها شلالات أوزود، التي تُعد الأكبر في شمال إفريقيا.

 

2. النسيج السكاني والنسيج الاجتماعي :

أ. التركيبة الديموغرافية :

-  عدد السكان: يقدر عدد سكان المنطقة  بحوالي 4.6 مليون نسمة (2023)، وهذا ما يجعل المنطقة تتميز بكثافة سكانية متوسطة (117 نسمة/كم²). 

-  التوزيع: وتتوزع التركيبة السكانية للمنطقة من :

  -  الحضر: التي تصل الى  55% ( ومركزهم مراكش، آسفي، الصويرة). 

  -  أهل القرى والجبال:ويبلغ اجمالهم حوالي 45%، خاصة في مناطق الأطلس. 

ب. التنوع البشري:  

-  الأمازيغ (البربر):  يشكلون النسبة الأكبر في المناطق الجبلية (قبائل عبدة، والشياضمة وحاحا و اشتوكة، وإيميني وغيرهم ). 

-  العرب: ويتمركزون عادة في المدن الكبرى والسهول. 

-  اليهود المغاربة:  الذين لم يبق منهم سوى القليل وذلك بعد الهجرة الكبيرة التي قام بها اليهود الى أرض فلسطين ، وقد تركوا بصمة في المنطقة خاصة بالصويرة حيث يوجد(حي الملاح التاريخي). 

ج. التنوع الثقافي: لقد كان بالفعل للتنوع البشري تاثير قوي على التنوع الثقافي بما في ذلك اللغة والعادات ، ففي اللغة نجد كل من :

-  اللغة الأمازيغية (تاشلحيت): وهي اللغة المهيمنة في القرى والمداشير. 

- أما اللهجة المغربية العربية (العامية) : فتتمركز في المدن. 

- العادات: بخصزص العادات فتتجلى في مجموعة من المواسم والاحتفالات الجماعية أبرزها : 

  - احتفالات "إميلشيل" حيث تتم اعداد الطقوس الخاصة (بالزواج الجماعي في الأطلس) مرة في السنة . 

  - أما بخصوص المواسم الدينية فكانت تقام لها هي الأخرى طقوس خاصة بها كـ"موسم سيدي شاشكال[ae1] " في آسفي.

ـ ساحة جامع الفناء : وهي ساحة مشهورة ، ويمكن القول على أنها بمثابة خشبة مسرح يومي يقدم للناس كل هذا التنوع الثقافي الذي تزخر به المنطقة  باستمرار.

 

3. النسيج الاقتصادي : 

 يتنوع ما بين الزراعة والسياحة والصناعة

أ. الزراعة وتربية الماشية:   

- المحاصيل: تتجلى في الحبوب (القمح، الشعير)، الزيتون، الحمضيات، والزراعات العصرية (الأفوكادو في منطقة شيشاوة). 

-  تربية المواشي: تشتهر المنطقة بتربية الأغنام  في مناطق السهول والماعز في المناطق الجبلية. 

- الصيد البحري: وهذا النشاط مرتبط بالمدن الساحلية كالصويرة و آسفي والذي يوجد بها (أكبر ميناء لصيد السردين في إفريقيا).

ب. السياحة : وتعتبر عمود الاقتصاد الأول للمنطقة :

-  مراكش: والتي تعد الوجهة السياحية الأولى في المغرب، وتُلقب بـ"المدينة الحمراء"، وتجذب أكثر من ثلاثة ملايين سائح سنويًا، وذلك لما تتمتع به من :

- معالم تاريخية: كجامع الفنا (والتي تعتبر تراثا عالميا لليونسكو)، وقصر الباهية، وحدائق ماجوريل وغيرها من المعالم التاريخية المشهورة. 

- أما عن السياحة الفاخرة: فتتجلى في فنادق مراكش الكبيرة دات 5 نجوم ، هذا بالإضافة الى المنتجعات الصحية بالمناطق الجبلية وغيرها. 

-  الصويرة:  والتي تتميز بهدوئها الدائم، وبجوها المعتدل ، هذا بالإضافة الى اعتبارها مدينة الرياح، وعاصمة رياضة ركوب الأمواج مما يجعلها قبلة للسياح الراغبين في هذا اللون الرياضي. 

-  سياحة الجبال: وهي نوع من السياحة التي عرفت اقبالا كبيرا خلال هذه الفترة، وتتمثل في التزلج في أوكايمدن، أوتسلق جبل توبقال.

ج. الصناعة: بخصوص الصناعة  في المنطقة ، فتعرف تنوعا في أشكالها حسب كل مدينة ، فمثلا في:

-  آسفي : نجد كل من :

  - القطب الصناعي:  وتتجلى في مصانع الفوسفات (المجمع الشريف للفوسفات). 

  -  الصناعة التقليدية: حيث تزدهر صناعة الخزف (السيراميك الأزرق الشهير). 

-  مراكش:  فتعرف تنوعا كبيرا في مجال الصناعة التقليدية والتي تتعلق بصناعة الجلود (الدباغة) مثلا، أو النسيج والفخار وغيرها. 

د. الطاقة المتجددة:   

-  محطة نور مراكش: و تعد واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم. 

 

4.  الثقافة والتراث : مزيج من الأصالة والتنوع

أ. الموروث المعماري:  

-  القصور والقصبات: والتي لا زالت تصارع الزمن وتعلن على بقائها وجمالها كقصر البديع ، وقصر الباهية، وقصبة آيت بن حدو (موقع سينمائي شهير) وغيرها من القصبات والقصور. 

-  المدارس الدينية: والتي نجد من بيهنا مدرسة بن يوسف التاريخية، والتي تعد تحفة الفن المغربي الأندلسي، ومدرسة سيدي الزوين الدينية التي يتخرج منها كل عام حفظة القرآن وأئمة المساجد. 

-  الأسوار التاريخية: والمتمثلة في أسوار مراكش الحمراء وأسوار الصويرة البرتغالية.

ب. الفنون الشعبية: أيضا ما يميز المنطقة هو تنوع فنونها الشعبية حيث نجد فن : 

-  الدقة المراكشية: وهي فن يجمع بين الإيقاع الموسيقي والرقص الجماعي. 

-  الموسيقى الأمازيغية: حيث تتعدد آلات "الوترية" و"الناي" و "الطبل " خاصة في جبال الأطلس. 

-  وكتخليد لهذه الفنون الشعبية بالمنطقة ارتأت وزارة الثقافة على تخليد مهرجين كبيرين كل سنة ويتعلق الأمر ب :

        - مهرجان مراكش للفنون الشعبية. 

        - مهرجان كناوة العالمي في الصويرة. 

ج. المطبخ المحلي: يعرف المطبخ المحلي هو الآخر تنوعا كبيرا في أشكاله وأنواعه ومذاقه مما يضفي عليه نكهة خاصة وتجعله مميزا عن غيره من الأطباق المعروفة، وتبقى أكثرالأطباق شهرة :

- طاجين الدجاج بالليمون، كسكس سبعة خضار، "ملاوي" خبز الشعير، الطنجية، اطباق السمك. 

 

5.  التحديات والرهانات المستقبلية

تعرف منطقة مراكش آسفي كغيرها من المناطق عدة تحديات نذكر منها عبى الخصوص :

أ. التحديات البيئية :  

-  نضوب المياه: وذلك بفعل الجفاف الذي خيم على المنطقة لعدة سنوات ، هذا بالإضافة الى الاستغلال المفرط للمياه بسبب الاستعمال غير المقنن لاستعمال الماء خاصة في بعض الأنواع الزراعية التي تتطلب كمية كبيرة من الماء. 

- التصحر: بفعل الحفاف وتآكل التربة في مناطق حوز مراكش. 

ب. التحديات الاجتماعية:  

-  الهجرة القروية: كان لها أثر سلبي على تدفق سكان القرى إلى مراكش بحثًا عن العمل. 

-  البطالة: وطبعا كان للهجرة القروية تأثير على كثرة البطالة والتي وصلت الى حد 15% بين الشباب. 

ج. الرهانات التنموية: 

-  تعزيز السياحة المستدامة : تتجلى في تشجيع السياحة الجبلية ، و حماية المناطق الطبيعية من خلال الاهتمام بها والقيام بعملية تنظيم معقلن لهذه المناطق حتى لا تكون عرضة للإفراط السياحي. 

-  الاستثمار في البنية التحتية: من خلال تحسين البنية التحتية سواء داخل المدن أوالقرى، مع التركيز أيضا على العناية بالبادية وتوفير الضروريات اللازمة لها من مستشفيات ومدارس وغيرها.

 

 6.  ما يميز الجهة عن غيرها ؟

+  التنوع الفريد:  الجمع بين البحر (آسفي، الصويرة)، الجبال (الأطلس)، والصحراء (قريبًا من ورزازات). 

 +  العاصمة السياحية للمغرب: مراكش تُعد الوجهة الثقافية الأولى عربيًا حسب منظمة السياحة العالمية. 

+  الإرث الأمازيغي الحي:  القرى الجبلية تحافظ على تقاليد عمرها قرون. 

+  الموقع الاستراتيجي:  تربط بين شمال المغرب وجنوبه، وبين المحيط الأطلسي والصحراء. 

 

7.  الخاتمة: جهة تجسد روح المغرب  

ان جهة مراكش آسفي ليست مجرد وحدة إدارية، بل هي لوحة فنية تجسد تنوع المغرب: من صخب ساحة جامع الفنا إلى هدوء قمم الأطلس، ومن أصالة الصناعة التقليدية إلى حداثة الطاقة الشمسية. رغم التحديات، تبقى هذه الجهة رمزًا للتفاعل بين الإنسان والطبيعة، وقصة نجاح للتنمية المتوازنة بين التراث والحداثة.


 [ae1]

Post Top Ad

???????