الاستماع الى ما تيسر من القران الكريم

top-bannner2-1

Post Top Ad

الأربعاء، 19 مارس 2025

ياجوج وماجوج بين الحقيقة و الأسطورة

 ياجوج وماجوج بين الحقيقة و الأسطورة

images&


 تعتبر قصة يأجوج وماجوج من أغرب القصص التي اختلف حولها الناس منذ القدم وذلك لقلة الأدلة التي تشير الى حقيقة وجودهم ونوعية أجناسهم ، ولذلك اختلفوا حولهم وانقسموا الى جاحد لوجودهم ومعترف بهم ، وسنحاول في هذا المقال المبسط أن نتعرض لبعض ما جاء من اخبار حولهم حتى نأكد احد هذين الرأيين :

1 ـ  يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم والسنة النبوية:

أ-  ورد ذكرهم في القرآن: 

  - في سورة الكهف (آية 94-98):  وتروي قصة ذي القرنين الذي بنى سدًا من الحديد والنحاس حيث طلب أهل منطقة بين جبلين من ذي القرنين بناء سد يحميهم من فساد يأجوج ومأجوج الذين كانوا يهاجمونهم ويُخرِبون أراضيهم. ولم يكن هدفه منعهم تمامًا، بل تأخير خروجهم حتى الوقت المحدد (يوم القيامة)، قال تعالى في كتابه الحكيم  (َفمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) .

  - وفي سورة الأنبياء (آية 96): حيث تشير الآية إلى أن خروجهم على الناس يعد كعلامة من علامات القيامة: ﴿حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ﴾. 

ب - كما ورد ذكرهم في الأحاديث النبوية أيضا :

  - حيث الأحاديث أن خروجهم يعتبرعلامة كبرى لقيام الساعة: فقد روى البخاري ومسلم أن النبي محمد ﷺ قال: «إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفُرُونَ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَنَحْفُرُهُ غَدًا... فَيُرسِلُ اللهُ عليهم النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ فَيُهْلِكُهُمْ». 

  - أما عن صفاتهم: فقد ورد في بعض الروايات دون أن تعمل تحديد نوع جنسهم هل هم بشرا أم عفاريت أو شيء آخر الا  أنهم اعتبروهم ذوو قوة وبأس، وأعدادهم هائلة لا تُحصى.

و في الأحاديث الصحيحة فقد ورد في صحيح البخاري أن «وَجوهُهم كالمَجَان المُطْسَقة» (أي مستديرة كالتروس). 

و في مسند أحمد اعتبر أن عددهم كثير جدا لدرجة أنه : «لَيُقتَلنَّ كلُّ مائةٍ منهم تسعةٌ وتسعون، ويقولون: لعلنا نحن الذين نَجَوْا».، وهذا ما تشير اليه (آية 96) في سورة الأنبياء بقوله تعالى ﴿حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ﴾ ،"ينسلون": يخرجون بسرعة كالحشرات المنتشرة. وهذا دليل على كثرة عددهم.

  - وبخصوص فسادهم ، فقد ورد في حديث النبي ﷺ: أنه «لا يموت رجل منهم حتى يولد له ألف ذكر». 

  - كما تم ربط ظهورهم مرة أخرى بدور عيسى عليه السلام وظهوره على الناس . و يُذكر أنه في آخر الزمان على أن النبي عيسى بعد ظهوره سيدعو الله لإهلاكهم بعد أن يكونوا قد ملأوا الأرض فسادًا.

ج ـ  ولم تخل الكتب المقدسة (الديانة اليهودية والمسيحية) الحديث عنهم :

- ففي سفر حزقيال (الإصحاح 38-39):  يصف الكتاب أن "جوج" كان يعتبر زعيما لأرض "ماجوج"، ويُشير إلى أنه ستنشب معركة أخيرة بينه وبين شعب الله. 

  - أما في المسيحية ُ فيعتقد أن هذه النبوءة مرتبطة بأحداث نهاية العالم (أرمجدون). 

- وفي سفر الرؤيا (الإصحاح 20): يذكر أن "جوج وماجوج" سَيُحرَّضون من الشيطان لمحاربة القديسين بعد ألف سنة، ثم تُنزل عليهم نار من السماء.

د ـ  و في التوراة والتقاليد اليهودية:

- يُذكر في سفر التكوين (10:2) أن "ماجوج" هم أحد أحفاد النبي نوح عبر ابنه يافث بن نوح (التكوين 10: 2). 

- وفي المدراش والتلمود: تختلف الآراء حول هويتهم؛ فبعض المصادر تربطهم بمناطق القوقاز أو آسيا الوسطى، بينما تذهب  بعض النصوص الى اعتبار "ماجوج" أرض مجهولة يسكنها أقوام همجيون ، في حين يراهم آخرون كرمز للقوى المعادية لليهود.


2 ـ  وفي التفسيرات التاريخية والجغرافية :

فقد جاء في تحديد الهُويَّة العرقية الخاصة بهم : 

  - أن الرومان واليونان اعتقدوا أنهم قبائل بربرية من الشمال (مثل السكيثيين أو القوط). 

  - أما لدى المؤرخين المسلمين الأوائل  كالطبري وابن كثير وغيرهم، فقد ربطوهم بمناطق آسيا الوسطى (كتركستان أو الصين). 

   - و اعتقد بعض المؤرخين المسلمين (كابن خلدون) أن غزو المغول (القرن 13م) هو بداية خروج يأجوج ومأجوج. 

  - وفي العصر الحديث ذهبت  بعض النظريات الى ربطهم بشعوب المغول أو التتار، وأحيانا  اعتبروهم  كناية عن القوى الاستعمارية. 

- أما عن السد الذي قام ببنائه ذو القرنين: فقد اختلفت الروايات والآراء حول موقعه؛ فهناك من قال إنه في جبال القوقاز (مضيق داريال)، وهناك من رأى أنه سد الصين العظيم، أو سد في آسيا الوسطى.

 

3 ـ  ياجوج و ماجوج في الثقافات والأساطير العالمية :

- تذهب الأسطورة الأوروبية الى ان بعض الحضارات اعتقدت أن "ماجوج" هم أسلاف القبائل التي هاجمت الإمبراطورية الرومانية. 

- في حين يذهب الفولكلور التركي من خلال  بعض الروايات الى الربط بينهم وبين الأتراك القدماء. 

- أما الأساطير الصينية فتشير بعض النصوص إلى اعتبارهم كائنات شريرة خلف الجدار العظيم للصين.


4 ـ  الجدل العلمي والرمزية لياجوج و ماجوج :

- النظرة الرمزية (الشر المطلق) : يرى بعض الباحثين أنهم يمثلون الجانب الهمجي في الإنسان الذي لا يُهزم إلا بالإيمان ، وأنهم رمز للفوضى والشر المتجدد، أو قوى الطبيعة المدمرة. 

- التفسير الحضاري: يُفسرهم البعض بأن وجودهم يمثل رمزا لتصادم المتمدنين (ذي القرنين) مع الهمجيين (يأجوج ومأجوج) ، وأنه تمثيل لصراع الحضارات أو التهديدات العالمية الحديثة التي تهدد الإنسانية جمعاء (كالأسلحة النووية أو التغير المناخي أو الأوبئة ..). 

- الدراسات الأثرية : فقد حاول الباحثون الربط بينهم وبين حضارات مندثرة، لكن دون إعطاء أدلة قاطعة لذلك.


5 ـ  خروجهم في العقيدة الإسلامية :

- تشير العديد من الكتب والدراسات  الإسلامية الى ان خروجهم الى الأرض سيكون عبر مراحل منها :

  ـ فتح السد : وذلك بعد حفرهم  المستمر، مما سيمكنهم من النجاح  في اختراقه بإذن الله ، وفي صحيح مسلم: أنهم سيحفرون كل يوم حتى يقتربوا من اختراقه، فيقول قائدهم: «ارجعوا فستحفرونه غدًا»، فيعيد الله بناءه، حتى يأتي اليوم الموعود.. 

  ـ  الانتشار: حيث  سيملؤون الأرض، ويشربون بحيرة طبرية (في فلسطين) حتى آخر قطرة. 

ـ الهلاك : وذلك بعد عودة المسيح عيسى عليه السلام  حيث سيدعو عليهم ، فيسلط الله عليهم دودًا يقتلهم، ثم ينزل مطرا يطهر الأرض منهم.

ووفقًا لأحد الأحاديث النبوية كما رواه (ابن ماجه): أنه بعد نزول عيسى، يطلب من الله إنقاذ المؤمنين من يأجوج ومأجوج، فيُرسل الله عليهم دودًا يقتلهم ليلًا، ثم ينزل مطر يغسل أجسادهم إلى البحر.

 

6 ـ  الخلاصة المشتركة بين الأديان :

- رمزية الخير والشر: ذلك أن يأجوج ومأجوج ليسوا مجرد قصة دينية بل هم تجسيد لقوى الشر التي ستهدد النظام الإلهي والأخلاقي في مقابل قوى الخير. 

- الدور الإلهي : فقد تمثل في تحذير الناس من الفساد واختبار للإيمان، ولذلك تم التأكيد على أن نهايتهم ستكون بحكمة إلهية، وستكون دليلا قطعيا على انتصار الخير على الشر.

Post Top Ad

???????