الاستماع الى ما تيسر من القران الكريم

top-bannner2-1

Post Top Ad

الأربعاء، 25 مارس 2015

حدائق مراكش التاريخية - الجزء الثالث





حدائق المنارة
images+(45)


تعتبر حديقة المنارة من بين أقدم الحدائق الموجودة بالغرب الإسلامي ويرجع المؤرخون القدامي بداية الأشغال بها إلى عهد السلطان الموحدي عبد المومن بن علي. ويشير المؤرخ العربي  البيدق أن السلطان عبد المومن مؤسس الدولة الموحدية حين عودته من سلا سنة 1157، قام بغرس'' البحيرة '' بمراكش وهو بستان كبير محاط بسور ومزود بصهريج ضخم لتخزين كميات كبيرة من المياه المخصصة لسقي الأشجار والخضر المتواجدة به.

ومن جهة أخرى، يشير صاحب كتاب الاستبصار إلى أن عبد المومن قام بالجهة الغربية للمدينة في اتجاه نفيس، بغرس حديقة مقابلة لقصره وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بحديقة المنارة وصهريجها الكبير.

وحسب ابن صاحب الصلاة، فإن إنجاز هذه الحديقة تم على يد العالم الحاج ابن يعيش.
 وكما هو الشأن بالنسبة لحدائق أكدال ، فإن عنصر الماء كان حيويا في تصميم هذه المعلمة التاريخية الرائعة، حيث يكمن العنصر الجوهري فيها في صهريجها المبني على مستوى أعلى من الأرض لتزويد نظام السقي المعتمد على جاذبية الأرض. وهذا الخزان للماء محاط بسطح يستعمل حاليا كفضاء للاستمتاع بالمناظر الطبيعية التي يهواها المراكشيون وزوار المدينة الحمراء.

وإضافة إلى هذه الادوار  ، فقد  كان الصهريج المائي يستعمل أيضا  لتدريب عناصر الجيش الموحدي على السباحة وفنون القتال البحري، قبل التوجه إلى الأندلس، أو الانتشار لحماية السواحل المغربية من هجمات الأوروبيين.

و تشير المصادر إلى أن حديقة المنارة سنة 1579 لقيت اهتماما خاصا من طرف أمراء الدولة السعدية حيث قاموا بإصلاحها وإعادة استعمالها كإقامة للاستراحة. و بعد ذلك، قام السلطان العلوي، سيدي محمد بن عبد الله، ببناء الجناح الحالي وضمنه مقصورة للاستراحة والاستجمام . يحيط بالبناية سور من التراب المدكوك. وهي تتكون من طابقين ويعلوها سقف تقليدي ذو شكل هرمي مغطى بالقرميد الأخضر. يتكون الطابق السفلي المخصص للحريم والخدم من أربعة أعمدة عالية وغرف مفتوحة ويؤدي إلى شرفة تطل على البركة المائية تؤدي بدورها إلى شرفة عالية. تمنح هذه الأخيرة منظرا رائعا وشاملا على الحديقة والصهريج. تعلو القوس المؤدي إلى الخارج نقيشة بها كتابة في مدح الرسول محمد (ص) وتاريخ البناء 1286هـ أي ما يوافق 1869-1870م .وتتشكل الزخارف المزينة للبناية من أفاريز لعناصر هندسية متداخلة مصبوغة على الجدران ومن سقوف خشبية متعددة التزاويق إضافة إلى الزليج المتعدد الألوان والأشكال

وعكس حدائق أكدال، فإن بساتين المنارة تتميز بزراعة واحدة بالرغم من تواجد بعض أشجار النخيل بالقرب منها، إذ تضم حوالي 40 صنفا من أشجار الزيتون.

وفي أقصى الجنوب للخزان الكبير للمياه توجد مقصورة يطلق عليها اسم " المنزه"، التي بناها السلطان سيدي محمد سنة 1866 لتعويض البناية القديمة التي يرجع تاريخ تشييدها الى حوالي القرن السادس عشر. ويقع هذا " المنزه" المحاط بحديقته البديعة المحاطة بسور، بمحاذاة الصهريج، ليشكل بذلك لوحة كبيرة وجميلة تستهوي الزوار.  

و تقدم حديقة المنارة الشكل النموذجي والكلاسيكي للحدائق الملكية المغربية التي نجد لها مثيلا في حدائق أكدال بمراكش وصهريج السواني بمكناس وجنان السبيل بفاس. لكن يبدو من الصعب وضع مقارنة مع الصهاريج الأغلبية بمدينة القيروان بتونس التي لا تشبهها لا من حيث الشكل ولا من حيث طريقة التهيئة والبناء. ويبدو من الأرجح البحث عن أصولها ومصادر تأثيرها في الحدائق والتجهيزات المائية الكبرى ببلاد الأندلس 

وخاصة بغرناطة وقرطبة .
ويبقى القول إن حدائق «المنارة» تحوّلت اليوم إلى فضاء مفتوح يقصده المراكشيون للنزهة، كما يقصدها السياح للتعرف على جانب من تاريخ مراكش.

88

يتبع
انجاز : احمد الوازي

 

Post Top Ad

???????